حساب المثلثات ..

حساب المثلثات علم عربي إسلامي، ويعترف جميع علماء الرياضيات الأوربيين بأن المسلمين أسهموا الإسهام الأساسي في إنشاء علم المثلثات، وأن الفضل يرجع لهم في جعله علمًا منتظمًا ومستقلا عن علم الفلك. قال "رام لاندو" في كتابه "المؤثر على حضارة العرب": "إن حساب المثلثات في أوربا كان مأخوذا من علم حساب المثلثات عند المسلمين. ويقول "ديفيد سميث" في كتابه تاريخ الرياضيات": "...ولم تدرس المثلثات الكروية المائلة بصورة جديدة وجدية إلا على أيدي العرب والمسلمين في القرن الرابع الهجري، العاشر الميلادي". قام المسلمون بحل معادلات مثلثية كثيرة عن طرق التقريب، وهم أول من أدخل المماس في إعداد النسب المثلثية. ويروى مؤرخو الرياضيات أن علماء المسلمين كانوا هم أول من استعمل المعادلات المثلثية، وإليهم يرجع الفضل في تطوير الظل والجيب في علم حساب المثلثات. ويقول "جوزيف هل" في كتابه "حضارة العرب": "إن علم الجيب والظل يعتبر من تراث المسلمينويضيف الدكتور "دارك ستروك" في كتابه "المختصر في تاريخ الرياضيات": "إن كلمة جيب كلمة عربية، وهذا لا يترك مجالا للشك في أن الفضل يرجع إلى المسلمين في تطويرها إلى ما هي عليه الآن". ومن العلماء المسلمين الذين برزوا في هذا العلم ابن سنان البتاني، وهو أول من استعمل المعادلات المثلثية، وأبو الوفاء البوزجاني أول من أدخل المماس في عداد النسب المثلثية، واستخدم المماسات، والقواطع، ونظائرها في قياس المثلثات والزوايا. كما ابتكر طريقة لإنشاء جداول للجيوب في المثلثات المستوية، وأعطى جيب نصف الدرجة صحيحًا لثمانية أرقام عشرية، ووضع جداول لنسبة الظل التي أدخلها مع نسبتي القاطع وقاطع التمام. ومن العلماء الذين أسهموا في علم المثلثات: أبو العباس التبريزي، وأبو جعفر الخازن في القرن الرابع الهجري، والبيروني، والعالم الأندلسي الجليل أبو إسحاق إبراهيم بن يحيى النقاش المعروف بابن الزرقالي عند الغربيين، وكان له أثر عظيم في علم حساب المثلثات وخاصة المثلث الكروي، ووجد اسم جيب الزواية واستعمالها في كتاب ابن الزرقالي. وقد ألف كذلك جداول لعلم حساب المثلثات ترجمها الغرب إلى اللاتينية. ويقول "سيديو" عن إنجازات البتاني في علم المثلثات: "يرجع أول تقدم في علم المثلثات إلى البتاني، فقد بدا لهذا الفلكي العظيم -الملقب ببطليموس العرب- أن يستبدل الأقواس بالأوتار للأقواس المضاعفة أي جيوب الأقواس المقترحة". ثم يذكر من أقوال البتاني قوله: "لم يستعمل بطليموس الأوتار الكاملة إلا لتسهيل التطبيقات، وأما نحن فقد اتخذنا أنصاف الأقواس المضاعفة". وانتهى البتاني إلى الدستور الأساسي للمثلثات الكروية فطبقه غير مرة، ونجد في كتب البتاني لأول مرة مبدأ مماس القوس، وتعبير (جيب تمام الجيب) الذي لم يستعمله الإغريق قط، وأدخل البتاني هذا المبدأ إلى حسابات الساعة الشمسية فسماه الظل الممدود، وليس هذا سوى المماس المثلثي عند علماء الوقت الحاضر. وأضاف "إيرك بل" في كتابه "تطورات الرياضيات": "إن البتاني هو أول عالم أدخل علم الجبر على علم حساب المثلثات بدلا من الهندسة كما كان الحال في القديم.ومن أشهر المشتغلين بعلم الرياضيات والميكانيك: أبناء موسى بن شاكر، وقد عالجوا ألوانًا من التأليف طرقت: علم الحيل، وعلم المثلثات؛ حيث لجأوا إلى طريقة جديدة تعتمد المنحنيات في تقسيم الزاوية إلى ثلاثة أقسام متساوية، ووضع مقدارين ليتوالى على قسمة واحدة واستعملوا القانون المشهور في عالم المثلثات باسم "قانون هيرونوذلك لتقدير مساحة المثلث إذا علم طول كل ضلع من أضلاعه. وقضى أبو الوفاء جل وقته في دراسة مؤلفات البتاني في علم حساب المثلثات فعلق عليها وفسر الغامض منها.ويقول الدكتور "موريس كلاين" عن أبي الوفاء في كتابه "تاريخ الرياضيات من الغابر إلى الحاضر": "إن أبا الوفاء عرف بعض النقط الغامضة في مؤلفات العالم المسلم المشهور البتاني وشرحها". وهكذا أسهمت الحضارة الإسلامية في إثراء الفكر الرياضي بأهم مقومات تقدمه وازدهاره، وهى العناية بالبحث العلمي والتطبيقي إلى جانب الدراسات النظرية على أساس علمي سليم يعتمد على المنهج التجريبي الاستقرائي؛ ولهذا حفل التراث العلمي الإسلامي بالكثير من النظريات والأفكار الرياضية الأصيلة التي أجمع المؤرخون على أهميتها واعتماد المحدثين عليها. ويقول الكاتب "رام لاندو" في كتابه "مآثر العرب في الحضارة": "إن المسلمين قدموا كثيرًا من الابتكارات في حقل الرياضيات، ومع ذلك فإن معظم الأمريكان والأوربيين لم يعودوا يتذكرون من أي مخزن اكتسب العالم المسيحي الأدوات التي لم يكن لتصل الحضارة الغربية إلى مستواها الحالي إلا بها".وظهر من علماء الرياضيات النابغين مجموعة كبيرة تكمل انجازات السابقين وتبنى عليها ومن هؤلاء: نصير الدين الطوسي، وكان عالمًا فذًا في الرياضيات والفلك، ويقول "جورج سارتون" في كتابه تاريخ العلوم: " إن نصير الدين الطوسي يعتبر من أعظم علماء الإسلام ومن أكبر رياضييهم" فأبدع في علم الرياضيات بجميع فروعه، و يوضح ذلك الدكتور"موريس كلاين" في كتابه "تاريخ الرياضيات من الغابر حتى الحاضر": "أن نصير الدين الطوسي كان يعرف معرفة تامة الأعداد الصم، ويظهر ذلك من بحوثه لمعادلات صماء مثل: الجذر التربيعي ل (أ ب) = حاصل ضرب الجذر التربيعي ل (أ) × الجذر التربيعي ل (بوالجذر التربيعي لحاصل ضرب (أ^2) × (ب^2) = أب. كما كانت لديه خبرة جيدة بالدوال الجبرية الصماء، وبالمثلث الكروي القائم الزاوية وهذا يظهر من رسالة "الأشكال الرباعية الأضلاعويقول الدكتور "درك سيترك" في كتابه "ملخص تاريخ الرياضيات": "إن نصير الدين الطوسي من المفكرين الأوائل في الأعداد التي ليس لها جذور-الأعداد الصمولو أعطى كل ذي حق حقه فإنه من الجدير أن يقال إنه المبتكر الأول لهذه الأعداد التي لعبت في الغابر دورًا مهمًا ولا تزال لها أهميتها العظمى في الرياضيات الحديثة التي تدرس الآن في جميع أنحاء العالم. واشتهر نصير الدين الطوسي بعلم حساب المثلثات، فألف فيه كتاب " شكل القطاعاتوهو يحتوى على حساب المثلثات فقط، فنجح بذلك في فصل حساب المثلثات عن علم الفلك، ويذكر الدكتور "ديفيد يوجين سميث" في كتابه "تاريخ الرياضيات": "إن نصير الدين كتب أول كتاب في علم حساب المثلثات سنه 846ه نجح فيه نجاحًا تامًا في فصل حساب المثلثات عن علم الفلكثم أضاف "...إن نصير الدين هو أول من طور نظريات جيب الزاوية إلى ما هيعليه الآن مستعملاً في المثلث المستوى".وأوضح البروفيسور "إريك بل" في كتابه "الرياضيات وتطويرها عبر التاريخ": أنه كان لكتاب نصير الدين الطوسي في علم حساب المثلثات الأثر الكبير في علماء الرياضيات في الشرق والغرب، بما فيه من الابتكارات الجديدة التي أفادت وطورت هذا الحقل". كما اهتم بالهندسة الفوقية، أو الهندسة الإقليدسية، فقال البروفيسور "درك سترديك" في كتابه "ملخص تاريخ الرياضيات": "إن نصير الدين الطوسي حاول بكل جدارة أن يبرهن على الموضوعة الخامسة من موضوعات إقليدس، فكانت محاولته بدء عصر جديد في علم الرياضيات الحديثة؛ لهذا انصبت عقليته العظيمة على برهانها، وهو: ( أن مجموع زوايا المثلث تساوى زاويتين قائمتين). وألف نصير الدين الطوسي أكثر من (145) مؤلفا في حقول مختلفة منها: علم حساب المثلثات، والجبر، والهندسة، والجغرافية، والهيئة، وغيرها منها: مقالة تحتوى على الشكل القطاعي السطحي والنسب الواقعة فيه، والرسالة الشافية عن الشك في الخطوط المتوازية، كتاب تحرير إقليدس، وغيرها؛ ولهذا فإن نصير الدين ترجم ودرس واختصر، وأضاف نظريات جديدة إلى إنتاج من سبقه من علماء شرقيين وغربيين، فأرسى قواعد إنتاجه العلمي على تجاربه، وتجارب الآخرين وألوان نشاطهم المختلفة، كما كان نصير الدين الطوسي موسوعة في العلوم كلها، فألف كتبًا كثيرة استفاد منها من تبعه

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

نرحب بتعليقاتكم المثمرة
مع تحيات علماء المثلثات المبدعات :)

..

أن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه ..